أولهما: أن المحدث قد ينشط تارة فيسرد الحديث على وجهه،
وقد يتكاسل في بعض الأوقات فيقتصر على بعضه، أو يرويه مرسلاً.
ثانيهما: أن من يكون جليساً للمحدثين أكثر يكون أعرف بطرق
الأحاديث، وشرائطها.
المسألة الثانية: طرق الترجيح التي ترجع إلى قوة السند
وضعفه:
الطريق الأول: الترجيح بكثرة الرواة.
إذا كان رواة أحد الخبرين أكثر من رواة الخبر الآخر، فإن الخبر
الذي رواته أكثر يرجح على الذي رواته أقل، وهو مذهب جمهور
العلماء من السلف والخلف، وهو الحق، للأدلة التالية:
الدليل الأول: أن قول الجماعة أقوى في الظن، وأبعد عن السهو
والغلط والكذب.
الدليل الثاني: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يعمل بقول ذي اليدين:
"أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول اللَّه " حتى أخبره بذلك أبو بكر
وعمر.
الدليل الثالث: أنه لما روى المغيرة بن شعبة - رضي اللَّه عنه -:
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " أطعموا الجدة السدس "
قال أبو بكر: من يشهد معك؛ فشهد معه محمد بن سلمة.
الدليل الرابع: أن الناس اعتادوا على الميل والأخذ بالأقوى في
أمورهم العادية كالتجارة والزراعة، ولا شك أن الخبر الذي رواته
أكثر أقوى من الخبر الذي رواته أقل.