ثانيهما: أن كثير الصحبة أقوى إيماناً من غيره بسبب كثرة استماعه

لمواعظه - صلى الله عليه وسلم -، فيكون تجنبه عن الكذب أكثر وأشد.

الطريق الخامس: الترجيح بكون الراوي سمع من غير حجاب.

إذا تعارض خبران، وراوي أحد الخبرين سمع الحديث من الراوي

الأول من غير حجاب، وراوي الخبر الثاني المعارض له سمع الخبر

منه وبينهما حجاب، فإنه يرجح خبر الراوي الذي سمع من الراوي

الأول من غير حجاب؛ لأن الرواية من غير حجاب شاركت الرواية

الأخرى في السماع، وتزيد عليها بتعين عين المسموع منه، فيكون

آمناً من تطرق الخلل الموجود في الرواية الأخرى.

لذلك ترجح رواية قاسم بن محمد بن أبي بكر عن عائشة - رضي

الله عنها - أن بريرة عتقت وكان زوجها عبداً على رواية الأسود بن

يزيد عن عائشة: أن بريرة عتقت وزوجها حر؛ ويرجح ذلك لأن

قاسم بن محمد قد سمع من عائشة بلا حجاب؛ لأنها عمته، أما

الأسود فقد سمع عنها مع الحجاب.

الطريق السادس: الترجيح بكون الراوي قد اتفق على عدالته.

إذا تعارض خبران، وراوي أحد الخبرين قد اتفق على عدالته،

وراوي الخبر الآخر قد اختلف في عدالته: فإن الخبر الذي اتفق على

عدالة راويه يرجح على الآخر، والعِلَّة في ذلك ظاهرة؛ حيث إن

المتفق عليه مقدم على المختلف فيه في كل شيء.

لذلك يُرجح خبر بسرة بنت صفوان في نقض الوضوء من مس

الذكر على خبر طلق بن عليّ الحنفي المعارض له المفيد عدم النقض

من مس الذكر؛ وذلك لأن خبر بسرة قد أخرجه مالك بإسناد ليس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015