المذهب الثاني: أن العامي يتخير بين الحكمين، فإن شاء أخذ

بقول الأفضل، وإن شاء أخذ بقول المفضول.

وهو مذهب كثير من العلماء.

أدلة هذا المذهب:

الدليل الأول: أن العامي لا يمكنه أن يعرف الأفضل منهما على

الحقيقة، بل قد يغتر بالظواهر، فيقدم المفضول، ويعتقد أنه هو

الأفضل، وذلك لأن معرفة أن هذا العالم أفضل من ذاك يحتاج إلى

معرفة أدلة كل واحد منهما على حكمه، وهذا ليس من شأن

العوام، ولا يمكنهم ذلك لو أرادوا، ولو جاز أن يعرف العامي أدلة

كل واحد من المجتهدين: لجاز للعامي أن ينظر في مسألته بنفسه

ابتداء، دون أن يرجع إلى أي مجتهد.

ثم إن زيادة الفضل لا تؤثر؛ لأن المفضول - أيضا - من أهل

الاجتهاد يُسأل ويفتي لو انفرد، فكذلك إذا كان معه غيره، ولا فرق.

جوابه:

أن العامي يعرف الأفضل بكل سهولة، حيث إنه يمكنه أن يعرف

ذلك بإحدى طرق:

الطريق الأول: الأخبار: كأن يخبره العدل الثقة بأن فلانا هو

أفضل علماء هذا العصر، أو يبلغه خبر عن طريق التواتر في ذلك.

الطريق الثاني: بالمشاهدة، كأن يرى فلانا من المجتهدين يذعن له

العلماء الآخرون، ويبجلونه، ويقدمونه عليهم، ويقبلون ما يقول.

الطريق الثالث: بالأمارات والقرائن، كأن يلاحظ عليه بعض

الأمور التي تجعله يحكم - بغلبة الظن - أن هذا هو الأفضل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015