وهذه الأنواع تختلف باختلاف ظهور العِلَّة وعدم ذلك، وإليك
بيان كل نوع:
أما النوع الأول - وهو: تحقيق المناط - فهو: أن المجتهد قد
تحقق من وجود العِلَّة والمناط في الأصل، ولكنه يجتهد من تحقيق
وجودها في الفرع، وآحاد الصور.
أي: أنه اتفق على أن هذا الوصف هو عِلَّة حكم الأصل بنص،
أو إجماع، فيقوم المجتهد بالتحقق والتأكد من وجود هذا الوصف
في الفرع - الذي يراد إلحاقه بالأصل -.
إذن وظيفة المجتهد هنا سهلة؛ حيث إن عِلَّة الأصل موجودة،
ولكنه يتأكد من وجودها في الفرع بنوع اجتهاد.
مثاله: الاجتهاد في القِبْلة؛ حيث إن استقبال القِبْلة معلوم بالنص،
أما أن تكون جهة القبْلة هذه أو تلك عند الاختلاف فهو معلوم بنوع
اجتهاد، حيث إنه لا يجتهد المجتهد - هنا - في وجوب القبْلة،
ولكنه يجتهد في هذه هل هي قِبْلة أم لا؟
وكذلك: علل الشارع وجوب نفقة القريب بالكفاية، وهو ثابت
بالنص، وهذا لا يجتهد فيه المجتهد، بل يجتهد في بعض الصور
الفرعية، فيقول: الكفاية واجبة في النفقة، وهذا معلوم بالنص،
والرطل من الأكل يكفي هذا الشخص بعينه، إذن: يكون هو
الواجب في نفقة القريب، وهذا معلوم بالاجتهاد.
وكذلك: فإن الشارع قد علل قبول الشهادة بالعدالة، وهو
معلوم بالإجماع، والنص، أما تحقق العدالة في زيد أو عمرو، فإنه
معلوم بالاجتهاد.