النص الخاص بذلك الحكم، ثم اختبار وسبر تلك العلل من قبل

المجتهد فيحذف ويبطل ما لا يصلح أن يعلل به الحكم، فإذا أبطلها

كلها إلا واحدة جعلها هي العِلَّة مثل ما قلناه في حديث الأعرابي

السابق الذكر، وهذا قريب من السبر والتقسيم.

وبعض العلماء سماه بالاستدلال كالحنفية، وهم قد وافقوا

الجمهور في طريقة حذف الأوصاف إلا وصفا واحداً، فيكون

الخلاف بيننا وبين الحنفية لفظياً.

***

ثالثا: الفرق بين تنقيح المناط والسبر والتقسيم:

قد يقول قائل: إن حقيقة تنقيح المناط قريبة من حقيقة السبر

والتقسيم الذي هو الطريق الثالث من طرق ثبوت العلية، فهل هما

واحد، أم بينهما فرق؟

أقول: لقد اختلف العلماء في ذلك على مذهبين:

المذهب الأول: أنه يوجد فرق بينهما.

وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق، لذلك جعلناه طريقا

لإثبات العِلَّة غير طريق السبر والتقسيم.

واختلف هؤلاء في وجه الفرق على أقوال:

القول الأول: أن تنقيح المناط خاص في الأوصاف التي دلَّ عليها

ظاهر النص، وهي محصورة بواسطة هذا الظاهر، أما السبر

والتقسيم فإنه خاص في الأوصاف المستنبطة الصالحة للعلية، ثم

إلغاؤها إلا ما ادعي أنه عِلَّة، وهذا هو الحق عندي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015