هو الأصل؛ لأنه مفتقر إليه، ولا يصح أن يكون المحل هو الأصل؛

لأنه محتاج إلى غيره، وهو الدليل الذي أثبت الحكم فيه.

المذهب الثالث: أن الأصل هو: الحكم الثابت في المحل، وهو

التحريم في المثال السابق.

وهو مذهب فخر الدين الرازي، وسراج الدين الأرموي.

دليل هذا المذهب:

أن الأصل هو: ما ابتنى عليه غيره، وكان العلم به موصلاً إلى

العلم أو الظن بغيره، وهذه الخاصية موجودة في الحكم لا في غيره؛

لأن حكم الفرع لا يتفرع عن المحل، وكذا فقد يؤخذ الحكم عن دليل

عقلي، أو مما هو معروف بالضرورة فيقاس عليه، ويتفرع منه حكم الفرع.

بيان نوع الخلاف:

الخلاف هنا لفظي؛ نظراً لصحة إطلاق الأصل على كل من هذه

المذاهب، ولا مانع من ذلك، بيان ذلك:

أنه إذا كان معنى الأصل: ما يبنى عليه غيره، فإنه يمكن أن يكون

الحكم أصلاً؛ لبناء الحكم في الفرع عليه، وهو مراد أصحاب

المذهب الثالث.

وإذا كان الحكم في الخمر أصلاً فالنص الذي به معرفة الحكم يكون

أصلاً للأصل، وعلى هذا: فأيُّ طريق عرف به حكم الأصل من نص

أو إجماع أمكن أن يكون أصلاً، وهو مراد أصحاب المذهب الثاني.

وكذلك الخمر فإنه إذا كان محلاً للفعل الموصوف بالحرمة فهو

- أيضاً - أصل للأصل، فيمكن أن يكون أصلاً، وهو مراد أصحاب

المذهب الأول.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015