لقد اختلف العلماء في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: - أن القياس دين، أي: يسمى دينا.
وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق؛ لدليلين:
الدليل الأول: قوله تعالى: (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ) .
وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى قد أمرنا بالقياس، وإذا أمرنا به،
فإنا نكون متعبدين به، وإذا ثبت: أن اللَّه تعالى قد تعبدنا به، فإنه
يكون من الدين.
الدليل الثاني: أن من نزلت به حادثة، وكان فيها مجتهداً لنفسه،
وضاق عليه الوقت: وجب عليه أن يقيس وينظر، وإذا لم يضق
عليه الوقت استحب له ذلك ليعد الجواب لوقت الحاجة، والواجب
والمستحب من الدين، فيصح بذلك أن يسمى القياس دينا.
المذهب الثاني: أن القياس لا يُسمى دينا، وليس منه.
وهو مذهب أبي الهذيل العلاف.
دليل هذا المذهب:
أن القياس لا يطلق عليه اسم الدين؛ لأن اسم الدين يقع على ما
هو ثابت مستمر، وكيف يسمى دينا، وهو فعل القائس.
أي: أن القياس من فعل المكلف، وهو القائس، ولا يصح أن يكون
الدين من فعل المكلف؛ إذ لو كان فعلاً للمكلف لم يعرف به الحكم.
جوابه:
نسلم أن القياس من فعل المكلف، ولكن اشترط أن يكون هذا