عبد له أسود، وللزمه أن يحنث باكل كل حلو، ولما لم يعتق كل
عبد له أسود، ولم يحنث بأكل كل حلو دلَّ على التنصيص على
العِلَّة ليص أمراً بالقياس.
جوابه:
إن الكلام هنا يخص ما يجعله صاحب الشرع عِلَّة، وليس ما
يجعله البشر عِلَّة، بيان ذلك:
أنه إنما لم يعتق عليه كل أسود، ولم يحنث بأكل كل حلو غير
السكر؛ لأن الواحد منا يجوز عليه التناقض والبَداء في أفعاله
وأقواله، بخلاف صاحب الشرع، فإن المناقضة والبَداء عليه غير
جائزة في أفعاله وأقواله في طرد عِلَّته وجريانها في أحكامها.
المذهب الثالث: أن التنصيص على العلَّة أمر بالقياس في جانب
الترك في التحريم - فقط - أما التنصيص عَلى العِلَّة في جانب الفعل
فليس أمراً بالقياس، وإلى هذا التفصيل ذهب أبو عبد اللَّه البصري.
مثال جانب الترك: ما إذا قال: " حرمت الخمر لإسكارها "
فالتنصيص على العِلَّة - هنا - يفيد الأمر بالقياس.
ومثال جانب الفعل: ما إذا قال: " تصدقت على زيد لفقره "
فالتنصيص على العِلَّة - هنا - لا يفيد إلا الأمر بالقياس.
دليل هذا المذهب:
أن تحريم الشيء وطلب تركه؛ لعلة يقتضي ترتب المفسدة على
فعل ذلك الشيء لتلك العِلَّة، ومعروف أن التباعد عن هذه المفسدة
لا يحصل إلا بترك جميع ما وجدت فيه هذه العِلَّة.
أما إيجاب الشيء وطلب فعله لعلة تترتب عليها مصلحة،