بيان المقصود بهذه المسألة: إذا ذكر الشارع وصفا صالحاً لتعليل
الحكم به كقوله - صلى الله عليه وسلم - في لحوم الأضاحي: " كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي من أجل الدافة "،
أو قولك: " حرمت الخمر لعلة الإسكار "، فهل يُعد هذا أمراً بإجراء القياس في كل ما توجد فيه هذه العِلَّة؟
أي: أن الشارع إذا نص على علَّة الحكم في محل ثم وجد
المجتهد تلك العلَّة في محل آخر، هل يجب عليه أن يعدي الحكم
إلى ذلك المحل الآخر الذي وجدت العِلَّة فيه، أو لا يجب على
المجتهد، ولا يكلف بتعدية الحكم إلى غير ذلك المحل الذي نص فيه
على العِلَّة إلا إذا ورد فيه أمر يُفيد التعبد بالقياس.
اختلف في ذلك على مذاهب:
المذهب الأول: أن التنصيص على العِلَّة يفيد الأمر بالقياس مطلقا،
أي: سواء كان التنصيص على العِلَّة َ في جانب الفعل بأن يكون
الحكم إيجاباً أو ندبا، أو في جانبَ الترك بأن يكون الحكم تحريما أو
كراهة.
وهو مذهب أبي الخطاب الحنبلي، وأكثر الحنابلة، واختاره أبو
إسحاق الشيرازي، وأبو بكر الجصاص، والكرخي، وأكثر الحنفية،
وأبو الحسين البصري، وأشار إليه أحمد.