ولقال: " حرمت الربا في المكيل "، فما ذكرها بأعيانها إلا لأنه لا
يجوز الترابي فيها فقط، ولا يجوز القياس عليها.
جوابه:
يجاب عنه بجوابين:
الجواب الأول: أن قولكم: " كيف يليق به ... " هذا تحكم
على اللَّه وعلى رسوله، وهو لا يجوز؛ لأنه لو فتح مثل هذا
لكثرت الاستفسارات عن الشريعة كلها، فيقال: لماذا طول في بعض
الأحكام وفصل فيها، وبعضها الآخر اختصر؟ ولماذا لم يبين أن
القياس حُحة، أو أنه ليس بحُجَّة لينقطع النزاع، وهكذا.
الجواب الثاني: على فرض جواز مثل هذه الأسئلة، فإنا نجيب
عن ذلك فنقول: إنه ترك الوجيز المفهم إلى الطويل الموهم لغرض
أراده وهو: الحث على طلب العلم والتشمير عن ساعد الجد لتبيين
ذلك للناس وتوضيحه،. وما ذلك إلا ليرفع الذين آمنوا والذين أوتوا
العلم درجات، ولتكون هذه النصوص محل تفكير وتدبر من قبل
المجتهدين إلى يوم القيامة، ولو أبان اللَّه كل شيء لحفظ ذلك، ولم
يشتغل أحد بالتفكير فيها ولسد باب الاجتهاد.
هذه أهم أدلة النكرين للقياس والجواب عنها فاتضح بذلك:
أن القياس يعتبر دليلاً من أدلة الشريعة يحتج به على إثبات
الأحكام الشرعية، ولقد أطلت في أدلة المثبتين، والنافين له والرد
عليها، لأمرين:
أولهما: أهمية القياس، حيث إن أكثر الأحكام الفقهية مبنية عليه،
وقد بيَّنت ذلك في التمهيد.
ثانيهما: أن الأدلة من قِبَل المثتبتين للقياس، وأدلة النافين له