لم يتكلم فإنه لا يصح البيع؛ لأنه لم يتلفظ بشيء، وهكذا القول في

العتق لا بد أن يقول: " أعتقت فلان "، وإلا لما صح العتق.

والسر في ذلك: أن اللَّه تعالى أراد حفظ مال المسلم، فلو أجاز

القياس في كلام المكلفين فيما يخص الأملاك لأصبح المسلم غنيا

وأمسى فقيراً.

أما الشارع، فإن الأحكام تؤخذ من ألفاظه، ومقاصده،

وسكوته، فلذلك يجوز أن نأخذ حكم المسكوت عنه من المنطوق به

بواسطة عِلَّة يستنبطها المجتهد.

الجواب الثاني: أننا لو فكرنا في ذلك تفكيراً لغويا مجرداً عن

الشرع لجاز القياس على العلَّة المنصوص عليها كقولنا: " لا تجالس

زيداً، فإنه مبتدع "، فإنَّ اللغة تقتضي عدم مجالسة كل مبتدع،

فكذا يجوز قياس كل أسود على سالم عن طريق اللغة، لكن الشرع

قد منع من هذا القياس؛ لأنه تعبدنا بألفاظ فيما يخص الأملاك.

الجواب الثالث: أنكم وقعتم فيما فررتم منه، حيث إنكم قد

استعملتم القياس لإبطال القياس، فقستم كلام الشارع على كلام

المكلفين، فإن كان القياس باطلاً عندكم، فإنه يبطل دليلكم هذا؛

لأنه مبني عليه.

الدليل الثاني والعشرون: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد أوتي جوامع الكلم، ومع ذلك فإنه ذكر الأشياء الستة في حديث عبادة بن الصامت مع طوله، وترك عبارة: " حرمت الربا في المكيل " مع قصرها،

فكيف يليق به ذكر الطويل الموهم وهو حديث الأشياء الستة، وترك

الوجيز المفهم وهي عبارة: " حرمت الربا في المكيل "؟!

فلو كان القياس جائزاً لما شق على نفسه بذكر هذه الأشياء بأعيانها

-

طور بواسطة نورين ميديا © 2015