توفرت فيه تلك الشروط وبحث ودقق في المسألة، ثم بعد ذلك
خرج بحكم معين، فإن هذا هو حكم الله، وهو حكم ظني راجح،
والعمل به واجب.
أما الشخص الذي لم تتوفر فيه شروط الاجتهاد، فإن هذا لا
يقبل منه شيء وإن جزم بالحكم الذي ذكره؛ لأنه ذكره لا عن نظر
واستدلال، فيرد عليه جملة وتفصيلاً، حيث إنه هو يؤدي إلى حكم
يحتمل أن يكون مخالفاً لحكم اللَّه.
الجواب الثاني: أن هذا الدليل لهم منقوض بورود التعبد بالمظنون
كأخبار الآحاد، والنصوص التي فيها إجمال، أو عموم أريد به
خصوص، وقبول الشهادة، والاجتهاد في القبلة، وتقدير النفقات،
وتقييم المتلفات، فإذا أجازوا التعبد بهذه الظنون فليجيزوا التعبد
بالقياس، ولا فرق بينها بجامع: أن كلًّا منها لا يفيد إلا الظن.
الدليل السادس عشر: أن إثبات القياس لا يخلو إما أن يكون عن
طريق العقل أو طريق النقل، وكل الطريقين باطل، بيان ذلك:
أنه إن قيل: إنه ثبت عن طريق العقل فهو باطل؛ لأن العقل لا
مجال له في الشرعيات، وإن قيل: إنه ثبت عن طريق النقل فهو
باطل؛ لأن النقل قسمان: " متواتر "، و " آحاد "، فإن زُعم أنه
ثابت عن طريق التواتر فهو باطل؛ لأنه لو كان لعرفناه كما عرفه
ذلك المثبت له، وإن زعم أنه ثابت عن طريق الآحاد فهذا باطل
- أيضاً -؛ لأنه لا يجوز إثبات القواعد الأصولية بالآحاد.
جوابه:
يجاب عنه بجوابين:
الجواب الأول: أنا لا نُسَلِّمُ أنه لا يجوز إثبات القاعدة الأصولية