والتراب حيث جعل التراب كالماء مع وجود الاختلاف.

فالجواب عنه: أنا لا نُسَلِّمُ أنه سوى بينهما، بل جعل التراب بدلا

عن الماء عند فقده، وجعل التراب بديلاً عن الماء عند فقده؛ لأمور

هي كما يلي:

الأول: أنه عام ومتيسر، ويحصل عليه كل الناس بدون مشقة.

الثاني: أن الشارع جمع الماء والتراب، وجعل منهما حياة كل

حيوان؛ حيث أخرج منهما أقوات بني آدم، والحيوانات.

الثالث: أن تكوين البشر من عنصرين: الماء والتراب.

الرابع: أن في استعمال التراب عند فقد الماء رفع للحرج الذي

يجده فاقد الماء، أو من يحتاج إلى شرب الماء إذا خاف على نفسه

في السفر أو الحضر.

فاتضح من ذلك أن الماء والتراب يجتمعان في أمور لذلك جمع

الشارع بينهما، وجعل التراب بد، عن الماء عند فقده.

الدليل الرابع عشر: أن البراءة الأصلية معلومة، والحكم الثابت

بالقياس لا يخلو إما أن يكون على وفق البراءة الأصلية، أو على

خلافها.

فإن كان الحكم الثابت بالقياس على وفق البراءة الأصلية، فإن

القياس غير مفيد؛ لأن الحكم حاصل بالبراءة الأصلية.

وإن كان الحكم الثابت بالقياس على خلاف البراءة الأصلية، فهو

ممتنع؛ لأن الحكم الثابت بالقياس معارض للحكم الثابت بالبراءة

الأصلية، والحكم الثابت بالبراءة الأصلية مقطوع به؛ لأن البراءة

دليل قطعي، والحكم الثابت بالقياس مظنون؛ لأن القياس دليل ظني،

والظني إذا عارض القطعي كان الظني باطلاً، فيلزم كون القياس

باطلاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015