لحجية القياس، وبواسطة إجماع الصحابة السكوتي، وقد سبق
بيانه.
الجواب الثالث: إن لم يُسلَّم أن الكتاب قد دلَّ على جواز القياس
مباشرة أو بطريق غير مباشر، فادعاء المستدل أن الكتاب قد اشتمل
على جميع الأحكام الجزئية غير صحيح؛ لعدم وجود حكم في الجد
والإخوة، والتحريم، والمفوضة، والعول، والخلع، وغيرها مما
اختلف الصحابة فيها.
فإما أن يقال: إنه لا حكم لها، وإما أن يقال: إن لها حكما في
الكتاب، وإما أن يقال: إن لها حكما وأخذناه عن طريق القياس.
فإن زعم المستدل: أنه لا حكم لها، فهذا باطل؛ لأنه لا يوجد
حادثة إلا ولها حكم في الإسلام، وإن ادعى أحد غير ذلك فقد كفر.
وإن زعم المستدل: أن لها حكما ووجدناه في الكتاب، فهذا غير
صحيح؛ إذ لو كان هناك حكم في الكتاب لما اختلف الصحابة فيها.
فلم يبق إلا أن لها حكماً وأخذناه عن طريق القياس، وهو
الصحيح، وهو الذي أفتى به الصحابة.
الدليل الثالث: قوله تعالى؛ (إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا) .
وجه الدلالة: أن ثمرة القياس، وهو: ثبوت حكم الفرع مظنون
لا معلوم، وكل مظنون لا يغني من الحق شيئاً منهي عن اتباعه،
فحكم الفرع منهي عن العمل به، فيثبت عدم جواز تعبدنا بالقياس.
جوابه:
إن الظن المنهي عن اتباعه والذي لا يغني عن الحق شيئاً فيما يكون
العلم واليقين ضرورة له كالعقائد وأركان الإسلام، دون مطلق الظن،