أما الرأي المجرد من اعتبار الشارع له فليس من السُّنَّة في شيء.
13 - وأما قول ابن مسعود: " إذا قلتم في دينكم بالقياس فقد
أحللتم كثيراً مما حرمه اللَّه ... "، فالمقصود بالقياس هنا: القياس
الفاسد، وهو الذي لم يستند إلى أصل، أو الصادر من الجاهل،
أو المخالف للقواعد الشرعية.
والحاصل: أن هذه الأجوبة التفصيلية عن تلك النصوص مستفادة
من الجواب الإجمالي: فكل نص فيه ذم للقياس يُعنى به القياس
الفاسد غير المعتبر شرعا، وهو الذي لم يستكمل شروط القياس،
وكل نص فيه دليل على العمل بالقياس، وفيه مدح له، فإنه يُعنى به
القياس الصحيح، وهو المستكمل لشروط القياس.
اعتراض على جوابنا هذا:
قال قائل - معترضاً -: لا نُسَلِّمُ لكم هذا الجمع بين النقلين،
بل يمكن الجمع عندنا بطريق آخر وهو: أن نعتبر أن القائل بالقياس
انقلب منكراً له في آخر أمره، وحينئذٍ يحصل الإجماع على إنكار
القياس، وهو ما ندعيه.
جوابه:
أن قولكم: إن القائل به انقلب منكراً في آخر أمره لا دليل عليه،
فيكون قولكم دعوى بلا دليل، فتكون دعواكم باطلة، فيجب
المصير إلى الجمع الذي ذكرناه؛ حيث إنه يعتبر من طرق الجمع بين
الدليلين إذا تعارضا.
أما الوجه الثالث - وهو: أنه لما لم ينكر بعض الصحابة على
الآخرين قولهم بالقياس فقد انعقد الإجماع على صحته -.