المحققين في تحرير محل النزاع، وفي أدلة المجوزين للقياس والمانعين
منه، حيث اتضح من خلال هذا الاستقراء أن الخلاف في القياس في
غير تلك الصور الست، وإن ذكر بعضهم خلافا فيها فليس خلافا
حقيقياً يترتب عليه اختلاف في الحكم، فيكون خلافا لفظيا لا ثمرة
له، وهو خلاف لا يضر ما دام أن الكل يقولون بوجوب العمل به.
القسم الثاني: أن تكون المقدمة الأولى قطعية، والثانية ظنية مثل
قياس القاضي في حال الجوع والعطش على قضائه حال الغضب
بجامع: اشتغال الفكر، وتشوشه عن فهم أدلة الخصمين.
فهنا: قد أجمع العلماء على أن عِلَّة منع القاضي من القضاء حين
الغضب هو ذلك التشوش الذي حصل في فكره، وهذه العِلَّة
مقطوع بها، لذلك أجمع العلماء عليها، أما التشوش الحاصل عند
العطشان والجوعان والحاقن وما شابه ذلك لم يقطع به بل هو ظنيء
القسم الثالث: أن تكون المقدمة الأولى ظنية، والثانية قطعية
كقياس التفاح على البر في حرمة ربا الفضل بعِلَّة كونه مطعوماً.
فهنا: العلَّة في البر مظنونة لاحتمال أن تكون العِلَّة كونه مكيلاً،
أو كونه موزوناً، أو كونه مقتاتا، أو كونه مدخراً - حيث جرى
الخلاف في ذلك -.
لكن العلَّة في الفرع مقطوع بها وهو: كونه مطعوما؛ حيث لا
يوجد عِلَّة سَواها في الفرع.
القسم الرابع: أن تكون المقدمتان ظنيتين كقياس النبيذ على الخمر،
والأرز على البر، والزبيب على التمر، وغير ذلك.