القياس واستدل به، ولكن استدلال واستعمال ابن عباس يختلف عن

استدلال واستعمال زيد، فهذا يبين أن القياس من فعل المجتهد،

بخلاف الآية أو الحديث، فإن استدلال هذا المجتهد بها هو نفسه

استدلال المجتهد الآخر بها.

بيان نوع الخلاف:

الخلاف في هذا معنوي؛ حيث أثر في تعريفات الأصوليين

للقياس.

أي: أن عبارات الأصوليين في تعريف القياس قد اختلفت؛ بناء

على اختلافهم في هذه المسألة.

فمن أخذ بالمذهب الأول - وهو أن القياس من فعل المجتهد - فقد

عبَّر - في تعريف القياس - بلفظ: " حمل فرع على أصل "، أو

" إثبات "، أو " إلحاق "، أو " تعدية "، أو " تسوية "، أو " رد "

أو نحو ذلك مما يفيد أن القياس من فعل المجتهد، ومكتسب منه؛

حيث إن الحمل يحتاج إلى حامل، والإثبات يحتاج إلى مثبت،

ْوالإلحاق يحتاج إلى ملحق، والتعدية تحتاج إلى معدي، والتسوية

تحتاج إلى مسوي، والرد يحتاج إلى راد، وهذا هو المجتهد وهو

القائس، وقد فعل ذلك الجمهور، ومنهم القاضي أبو بكر الباقلاني،

والغزالي، وناصر الدين البيضاوي، وتاج الدين ابن السبكي،

وصدر الشريعة من الحنفية، وفخر الدين الرازي، وأبو إسحاق

الشيرازي، وأبو الوليد الباجي، وغيرهم من جمهور السلف

والخلف.

ومن أخذ بالمذهب الثاني - وهو: أن القياس دليل مستقك، وهم

الآمدي، وابن الحاجب، وابن عبد الشكور، وابن الهمام،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015