وهو الحق عندي؛ لدليلين:

الدليل الأول: أن أهل اللغة يُفرقون بين قول القائل: " زيد

صديقي "، وبين قوله: " صديقي زيد " بأن الثاني يفيد الحصر،

ولولا أن الثاني يفيد الحصر لما حصلت التفرقة بينهما، فكل من قال

بالتفرقة بينهما قال: إن تلك التفرقة بإفادة الحصر وعدم إفادته.

الدليل الثاني: أن الاسم إذا دخلت عليه " أل " كقوله - صلى الله عليه وسلم -:

"الشفعة فيما لم يقسم "، أو أضيف إلى معرفة

كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "تحريمها التكبير وتحليلها التسليم "، وقولنا: " صديقي زيد "، فإن هذا الاسم يفيد الاستغراق،

وبالتالي فإن ذلك يفيد الحصر، وهو ظاهر فيه،

بيان ذلك:

أنه أفاد الحصر؛ لأن المحكوم به - وهو الخبر - يجب أن يكون

مساويا للمحكوم عليه - وهو المبتدأ - أو أعم منه.

فمثال المساوي: قولنا: " الإنسان بشر "، فالإنسان - هنا -

وهو المبتدأ - محكوم عليه بأنه بشر - وهو الخبر - وهو مساوٍ له.

ومثال الأعم قولنا: " الإنسان حيوان "، فالإنسان هنا. وهو

المبتدأ - محكوم عليه " بأنه حيوان وهو أعم من الإنسان، وإذا ثبت

ذلك فإن " التحريم " الوارد في حديث: " تحريمها التكبير " مبتدأ،

و" التكبير " خبره، فيكون " التكبير " مساويا للتحريم، فينحصر

التحريم في التكبير كما حصرنا " الإنسان " في " الحيوان "، وكما

حصرنا الإنسان في البشرية.

وعلى ذلك: فإن التحريم يجب أن ينحصر في التكبير، والتحليل

يجب أن ينحصر في التسليم، والشفعة يجب أن تنحصر فيما لم

يقسم، والصداقة يجب أن تنحصر في زيد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015