إذا حكى الصحابي ما شاهده من الحوادث بلفظ عام كقوله:
"نهى رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - عن المزابنة،
وأمر بوضع الجوائح، وقضى بالشفعة للجار،
فهل يؤخذ بعموم قوله أو لا؟
اختلف في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أن قول الصحابي: أمر رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، أو نهى، أو قضى، أو حكم يقتضي العموم، وهو مذهب كثير من
العلماء، واختاره سيف الدين الآمدي، وهو الحق عندي؛ لإجماع
الصحابة ومن جاء بعدهم من علماء السلف والخلف على أن قوله
يفيد العموم: فقد عرفنا - بالاستقراء والتتبع - أنهم كانوا يرجعون
إلى هذه الألفاظ، ويحتجون بها في عموم الصور التي تحصل في
أزما انهم: فقد قال ابن عمر - رضي اللَّه عنهما -: " كنا نخابر
أربعين سنة حتى أخبرنا رافع أن - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المخابرة "، وإذا رأى أحد منهم شخصا يبيع بالمزابنة أو المحاقلة منعوه مستدلين بقول
الصحابي: " نهى رسول اللَّه لمجيم عن المزابنة والمحاقلة، وكانوا
يمنعون عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه مستدلين بقول الصحابي:
"نهى رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه "، وكذلك فقد أخذوا بقول الصحابي: " أمر رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - بوضع الجوائح "،
وبقوله: " رخص رسول اللَّه في السلم "، وبقوله: " رخص
رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - في العرايا "، وقوله: " قضى رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -