الضمير المنفصل، فقالوا في الجمع: " هم فعلوا "، وقالوا في

التثنية: " هما فعلا "، فلو كانت التثنية جمعا لما فرقوا بينهما في

ذلك، ولقالوا: " هم فعلوا " للجمع والتثنية.

الدليل الثامن: أن أهل اللغة قد فرَّقوا بين التثنية والجمع بالتأكيد،

فقالوا في الجمع: " جاء الزيدون أنفسهم "، وقالوا في التثنية:

"جاء الزيدان أنفسهما "، فلو كان الجمع يطلق على التثنية وأن الاثنين

أقل الجمع: لجاز تأكيد أحدهما بالآخر.

الدليل التاسع: أن ما فوق الاثنين هو المتبادر إلى الفهم من صيغة

الجمع، والتبادر إلى الفهم من علامات الحقيقة، بخلاف عدد

الاثنين، فإنه لا يتبادر إلى الفهم من إطلاق لفظ الجمع، وهذا يدل

على، أن الجمع يكون حقيقة في الزائد على الاثنين، وهو: الثلاثة

فما فوقها، فيكون أقل الجمع ثلاثة.

المذهب الثاني: أن أقل الجمع اثنان حقيقة، ويطلق على الواحد

مجازاً.

وهو مذهب القاضي الباقلاني، والباجي، وابن الماجشون،

وداود الظاهري، وابنه محمد، وأبي إسحاق الإسفراييني، وهو

اختيار علي بن عيسى النحوي، ونفطويه، والخليل بن أحمد.

أدلة هذا المذهب:

الدليل الأول: قوله تعالى: (فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون) .

وجه الدلالة: أن اللَّه سبحانه أطلق ضمير الجمع وهو الوارد

بقوله: " معكم "، والمراد: موسى وهارون - عليهما السلام -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015