اعتراض على هذا الجواب:
قال قائل - معترضاً -: إن كلامكم يدل على أن " من " الجارة لا
تأثير لها في العموم، ووجودها في بعض الآيات، كقوله تعالى:
(مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) لا فائدة منه، مما يؤدي إلى أن نقول: إن
هناك حروفاً في القرآن قد وردت عبثا.
جوابه:
نحن لا نقول: إن لفظ: " من " لا فائدة لها، بل لها فائدة
وهي: أنها مؤكدة للعموم، أي: أن النكرة في سياق النفي المسبوقة
بـ " من " اَكد من النكرة في سياق النفي التي لم تسبق بـ " من "،
وفائدة التوكيد في الكلام: رفع اللبس، وإزالة الاتساع في الفهم.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف هنا معنوي، حيث أثر في بعض الفروع الفقهية، ومنها:
ما سبق من أنه إذا قال: " والله لا آكل رغيفاً "، فإنه بناء على
المذهب الأول يحنث إذا أكل رغيفاً فأكثر، وبناء على المذهب الثاني
فإنه لا يحنث إذا اكل رغيفين.
***
الصيغة الثامنة: المفرد المحلى بـ " أل " هل يفيد العموم؛
لقد اختلف في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أنه يفيد العموم.
وهو مذهب كثير من العلماء وهو الحق؛ لما يلي من الأدلة:
الدليل الأول: صحة الاستثناء من المفرد المحلى بال، وقد ورد
ذلك في القرآن كقوله تعالى: (إن الإنسان لفى خسر إلا الذين آمنوا) .