وهو مذهب بعض النحاة كأبي البقاء العكبري، وبعض اللغويين.
دليل هذا المذهب:
أن النكرة في سياق النفي إذا خلت من حرف " من " تكون غير
صريحة في إفادتها للعموم؛ حيث يجوز الزيادة عليها فتقول مثلاً:
" ما عندي رجل بل رجلان "، وهذا لا يؤدي إلى التناقض؛ حيث
إنه قصد: أن ما عنده رجل واحد، بل عنده رجلان، لذلك لا تعم.
أما إذا قال: " ما عندي من رجل "، فإنه يعم؛ لامتناع إثبات
الزيادة عليه، فلا يمكنه أن يقول: " ما عندي من رجل بل رجلان "
صمان قاله: وقع تناقض، ولا فرق بين الصورتين إلا إثبات " منْ "
وعدمها، فدل على أن " من " هي المؤثرة في العموم.
جوابه:
يجاب عن هذا بجواب إجمالي، وتفصيلي:
أما الجواب الإجمالي فهو أن يقال: إن هذا مخالف لإجماع
العلماء في الفقه والعقيدة.
أما مخالفته لما أجمع عليه العلماء في الفقه، فهو أن العلماء قد
أجمعوا على أن الشخص لو حلف وقال: " والله لا آكل رغيفا "
فإنه يحنث إذا أكل رغيفين، وتجب عليه كفارة يمين، فلو كان قولكم
صحيحا: لما حنث؛ حيث إنه يؤول - على زعمكم - بأنه حلف أن
لا ياكل رغيفا واحداً، ولم يحلف على أنه لا ياكل رغيفين.
أما مخالضه لما أجمعت عليه الأُمَّة في العقيدة فبيانه أن يقال:
لو كان يجوز أن يقال: " ما عندي رجل بل رجلان " لجاز أن
يقال في قوله تعالى: (ولم تكن له صاحبة) بل صاحبتان.