تكليف ما لا يطاق، فوجب حمل تلك الصيغ والألفاظ على أنها
حقيقة في العموم.
بخلاف الخبر من الوعد والوعيد، وغير ذلك، فإنه لا يقتضي
وجوب شيء يحتاج أن يعمل به.
جوابه:
أنا لا نُسَلِّمُ ذلك، بل إن تلك الصيغ والألفاظ حقيقة في العموم
مطلقا، سواء كانت أمراً أو نهيما أو خبراً، ولا فرق بين الأوامر
والنواهي والأخبار.
ودلَّ على عدم التفريق بينهما ما يلي من الوجوه:
الأول: أن الحال فيهما واحدة؛ حيث إنه يخاطب بالخبر لفائدة
كالأمر، فالمكلف مطالب بالعلم بمراد الشارع منهما.
الثاني: أن الطريق إلى إثبات أحدهما هو الطريق إلى إثبات
الآخر، فالممتنع من أحد الأمرين يلزمه الامتناع من الآخر بدليل: أن
أهل اللغة يستعملون الأمرين على وجه واحد.
الثالث: أن الصحابة - رضي اللَّه عنهم - كانوا يرجعون في
أوامر اللَّه تعالى ونواهيه، وأخباره إلى ظاهر الخطاب، ولا يفرقون
بينها.
بيان نوع الخلاف:
ابخلاف - هنا - معنوي، وهو ظاهر، فأصحاب المذهب الأول -
وهم الجمهور - يحملون أي صيغة من الصيغ السابقة على العموم
بدون أي قرينة، ولا يحملونها على الخصوص إلا بقرينة، ويعملون
على هذا بدون توقف، ولا يفرقون بين الأوامر والنواهي والأخبار.