ثانيهما: على فرض أن المطالبة بالدليل تعتبر دليلاً، فإنا قد أثبتنا
أدلة من إجماع الصحابة، وأهل اللغة، واستعمالاتهم على أن تلك
الصيغ تفيد العموم بمجردها.
الجواب الثاني: لا نُسَلِّمُ لكم أن الآحاد لا يحتج به على إثبات
القواعد الأصولية، بل خبر الواحد يثبت تلك القواعد بشرط: أن
تكون تلك القواعد وسيلة إلى العمل، قياسا على العمل بالآحاد في
الفروع.
فنتج: أن هذه الصيغ قد ثبتت بالآحاد؛ لأنها وسيلة إلى العمل.
الدليل الثاني: أن الأدلة متعارضة، والاحتمالات متقاومة،
والجزم بواحد ترجيح بلا مرجح، ولو قدرنا أن يكون هناك مرجح،
لكن لا نزاع أن هذا المرجح ليس بقاطع؛ حيث إنه يحتمل الخطأ،
فوجب التوقف.
جوابه:
أنا لا نُسَلِّمُ أن الأدلة المثبتة للخصوص في قوة الأدلة المثبتة
للعموم، بل إن أدلة القائلين: إن تلك الصيغ حقيقة في العموم أقوى
من أدلة المذاهب الأخرى - كما سبق بيانه - وإذا كان الأمر كذلك
فإن كونها للعموم أرجح، والعمل بالراجح واجب، وحينئذٍ لا
داعي لهذا التوقف.
المذهب الخامس: أن تلك الصيغ والألفاظ حقيقة في العموم في
الأمر والنهي - فقط - ولا يعلم هل هي حقيقة أو مجاز في الأخبار.
وهو مذهب لبعض العلماء.
دليل هذا المذهب:
أن الأوامر والنواهي تكليف بعمل، فلو لم نعرف المراد بها لاقتضى