والمزابنة، والمنابذة، والملامسة، والربا، والصلاة أثناء الحيض،
ونحو ذلك، ولا مستند لذلك إلا النهي، فهذا يدل على أن النهي
يقتضي الفساد والبطلان مطلقا.
تنبيه: إن هذا المذهب بعيد جداً؛ لأن النهي لا يدل على الصحة
عن طريق اللغة، ولا عن طريق الشرع، ولا عن طريق الضرورة،
فالمصير إليه تحكم ودعوى بلا دليل، بل الاستدلال بالنهى على فساد
الشيء المنهي عنه أقرب من الاستدلال بالنهي على الصحة،
وأصحاب هذا المذهب منعوا أن يكون النهي يدل على الفساد،
فكيف منعوا أن يكون النهي يدل على الفساد مع قربه منه، ويجيزوا
أن يكون النهي يدل على الصحة مع بعده؛ هذا بعيد وغريب.
المذهب الخامس: أن النهي لا يقتضي فساداً، ولا صحة مطلقا.
وهو مذهب بعض الفقهاء، وبعض المتكلمين.
دليل هذا المذهب:
أنه لا يوجد دليل صحيح من العقل ولا من النقل يفيد أن النهي
يقتضي الفساد، ولا يقتضي الصحة، ولا يوجد ما يفيد أنه يقتضي
الصحة.
أما كون الفاعل يأثم بفعل المنهي عنه، فذلك من دليل خارجي.
جوابه:
إن هذا الدليل متضمن للمطالبة بالدليل على الفساد، والمطالبة
بالدليل على الصحة، وهذا باطل من وجهين:
الوجه الأول: أن المطالبة بالدليل ليست بدليل.
الوجه الثاني: على فرض أن المطالبة بالدليل دليل، فإنا قد ذكرنا
أدلة صريحة تدل على أن النهي يقتضي الفساد، ولا يصرفه عنه إلا