ويطبقونها على من لم يوجد في زمان نزول تلك الأوامر،
ولم يحدث أن واحداً امتنع من ذلك التطبيق؛ إذ لو حدث لنقل،
ووصلنا، ولكن لم يكن شيء من ذلك، فصار إجماعا منهم على
أن الأوامر الشرعية تتناول من كان معدوما حال الخطاب بالأمر.
الدليل الثاني: قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا) .
وجه الدلالة: أنه لا خلاف أنه أريد بذلك جميع أُمَّته، فقد
خاطبهم وهم معدومين.
الدليل الثالث: قوله تعالى: (لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) .
وجه الدلالة: أن المعدوم قد بلغه الأمر إذا وجد، فدل على أن
الأمر يتعلق بالمعدوم.
الدليل الرابع: قوله تعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) .
وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى قد أمرنا باتباع النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا خلاف في أنا مأمورون باتباعه، ولم نكن حين نزول الآية موجودين،
ومع ذلك فقد توجه الأمر إلينا بالتكليف، ومن لم يتبع الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقد كفر؛ لأن مخالفة الرسول - صلى الله عليه وسلم - هي مخالفة لله، ومخالفة اللَّه كفر.
تنبيه: اختلف أصحاب هذا المذهب - وهم القائلون: إن الأمر
متعلق بالمعدوم - فيما بينهم - هل الأمر أمر إعلام، أو إلزام على
أقوال ثلاثة:
القول الأول: الأمر المتعلق بالمعدوم أمر إعلام، وليس أمر إلزام.