لقد اختلف في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أن الأمر للنبي - صلى الله عليه وسلم - هو أمر لأمته، وأمر الأمة هو أمر للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وأمر واحد من الصحابة هو أمر لغيره، ولا يخرج أحد عن خطاب الآخر إلا بدليل.
وهذا مذهب أكثر الحنفية، وأكثر المالكية، وأكثر الحنابلة، وهو
المشهور من مذهب الإمام أحمد، وقال الإسنوي: " إنه ظاهر كلام
الشافعي "، وهو الحق عندي، وللاستدلال على ذلك لا بد من
ذكر حالات هذه المسألة الثلاث، وذكر أدلة كل حالة ليكون ذلك
أوضح في ذهن طالب العلم فأقول:
الحالة الأولى: إذا خاطب اللَّه تعالى نبينا - صلى الله عليه وسلم - بالأمر بفعل عبادة بلفظ ليس فيه تخصيص كقوله تعالى: (يا أيها المزمل قم الليل) ،
و (يا أيها النبي اتق الله) ، و (يا أيها المدثر قم فأنذر) ، فإن أُمَّته
تشاركه في حكم ذلك الأمر والفعل حتى يدل دليل على تخصيصه
بذلك الحكم، ويدل على قولنا هذا ما يلي من الأدلة:
الدليل الأول: قوله تعالى: (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) .