دليل هذا المذهب:
قياس الزمان على المكان والأشخاص، بيان ذلك:
أن اللَّه أمر بالحج إلى مكان مخصوص.
فقد قيدت الأوامر بصفات معينة لا يجوز التساهل بها، فلو حج
لغير مكة لما صح ذلك الحج.
فكذلك الأمر بعبادة إذا علق في وقت معين معناه: تخصيص هذه
العبادة بهذا الوقت، فمثلاً لا يجوز الصيام في غير رمضان ولا تجوز
الصلاة بغير وقتها، قياسا على الأمكنة، والجامع: أن كلها قد
قيدت المأمور بصفة معينة لا يجوز مخالفتها، ولا العدول عنها.
فالعاري والمتجرد عن تلك الصفة لا يتناوله اللفظ، ولا يدخل في
مفهومه، بل يبقى على ما كان قبل الأمر، فلو فات الوقت المحدد
فإنه يسقط الواجب، ويحتاج إلى أمر جديد.
جوابه:
إن قياسكم الزمان على المكان قياس فاسد، لأنه قياس مع الفارق،
حيث إنه يوجد فرق بين تعلق الأمر بزمان، وبين فعله بمكان معين،
والفرق بينهما من وجهين:
الوجه الأول: أن الزمان يتعلَّق بعضه ببعض، فالزمان الثاني تابع
للأول، فالواجب الذي ثبت في الزمن الأول - إذا لم يفعل - فإنه
ينسحب هذا الوجوب إلى الزمن الثاني، ثم الثالث وهكذا، ولا
تبرأ ذمة المكلف منه إلا بأدائه ولو في آخر العمر.
بخلاف المكان فإنه لا ينسحب إلى مكان آخر، وما يجوز فعله
في مكان قد لا يجوز فعله في مكان آخر.
الوجه الثاني: أن المكان لا يفوت، فأمكن الفعل فيه، فلا يعدل