- لما سأله عقلاء اللغة عن سبب معاقبته - لم يعلل ذمه وتوبيخه
بالعطش، وإنما علله بأنه أمره بشيء فأخره عنه وعصاه بذلك، فدل
على أن لفظ الأمر يقتضي الفور.
الدليل الخامس: أن صدور صيغة " افعل " هو سبب للزوم الفعل
فيجب أن يقع الفعل عقيب صدوره، قياساً على عقد البيع والطلاق
والموت، بيان ذلك:
أن البائع إذا قال: " بعتك هذه الدار بكذا " ثم قال المشتري:
"قبلت "، فإن ملكية الدار تنتقل فوراً إلى المشتري دون تأخير.
كذلك الطلاق: فإن الزوج إذا قال: " فلانة طالق "، فإنه يقع
فوراً.
كذلك إذا مات إنسان فإن ميراثه ينتقل إلى الورثة مباشرة، وهكذا.
فهذه الأمثلة وغيرها: الحكم يقع - عقيبها؛ لأنه أقرب الأوقات
إليها، فكذلك الأمر يجب أن يقع الفعل في أقرب الأوقات إليه،
وذلك لأن كل لفظ اقتضى معنى يجب أن يقع ذلك عقيبه.
الدليل السادس: القياس على العزم، وبيان ذلك:
أن الأمر يتضمن: " الأمر بالفعل "، و " الأمر بالعزم عليه "،
و" الأمر باعتقاد وجوبه ".
والعزم، واعتقاد وجوب الفعل واجبان على الفور.
فيقاس عليهما: الفعل، بجامع أن الأمر صدر بهما جميعاً.
فيجب - على هذا - فعل المأمور به على الفور.
المذهب الثاني: أن الأمر المطلق لا يقتضي الفور، بل يجوز تأخير
فعله أي: أن الأمر المطلق يقتضي الامتثال من غير تخصيص بوقت.