الخيرات، فبناء على ذلك: يكون ترك المسارعة يذم عليه، وما يذم

على تركه هو الواجب.

الدليل الثالث: أن الأمر قد اقتضى الوجوب، فحمله على

وجوب الفعل عقيبه واجب؛ لأمرين:

أولهما: أنه إذا فعل المأمور به فور صدور صيغة الأمر يكون ممتثلاً

للأمر بيقين، دون شك.

ثانيفما: أنه بمجرد تأخير الفعل يكون معرضاً نفسه لخطر عدم

القيام به، ودرءاً لذلك واحتياطاً فإنه تجب المبادرة إليه.

الدليل الرابع: أن السيد إذا قال لعبده: " اسقني ماء "، فإن

سقاه على الفور استحق المدح بالاتفاق، وإن تأخر في امتثال الأمر،

ولم يسقه فور صدور صيغة الأمر، فإنه يحسن من السيد ذمه

وتوبيخه، فلما سأله عقلاء أهل اللغة عن سبب معاقبته لهذا العبد

قال لهم: إني أعاقبه؛ لأنه خالف أمري وعصاني؛ حيث إني أمرته

بأن يسقيني ماء، وتأخر في جلب الماء إلي، فهنا يُقبل منه هذا

العذر، ولا ينكر عليه، فهذا يدل على أن أهل اللغة قد اتفقوا على

أن الأمر المطلق يقتضي الفور.

اعتراض على ذلك:

قال قائل - معترضا -: نحن معكم أن الأمر هنا يقتضي الفور،

لكن ذلك دلَّ عليه قرينة وهي: أن السيد لا يستدعي ماء إلا وهو

عطشان فتأخره يضر به، فلذلك اقتضى التعجيل، وهذا ليس في

محل النزاع.

جوابه:

لا نسلم أن وجوب التعجيل ثبت عن طريق القرينة؛ لأن السيد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015