لو قال شخص لشخص آخر: " طلق زوجتي فلانة "، فقد

اختلف في ذلك.

فأصحاب المذهب الأول يقولون: إنه لا يجوز للوكيل أن يطلق

إلا مرة واحدة؛ لأن الأمر عندهم يقتضي المرة الواحدة.

أما أصحاب المذهب الثاني فإنهم قالوا: إنه يجوز للوكيل أن

يطلق أكثر من طلقة؛ لأن الأمر عندهم يقتضي التكرار.

الخلاف الثاني:

وهو الخلاف بين أصحاب المذهب الأول - وهم القائلون: إن

الأمر لا يقتضي التكرار -، وبين أصحاب المذهب الثالث - وهم

القائلون: إن - الأمر لا يقتضي التكرار، ولا المرة الواحدة -: فإن

هذا الخلاف يمكن أن يكون لفظيا، ويمكن أن يكون معنويا.

فيكون الخلاف لفظيا إذا نظرنا إلى أن أصحاب المذهبين قد اتفقا

على أن الأمر المطلق لا يقتضي التكرار، فمقصد أصحاب المذهب

الثالث هو: نفي التكرار والخروج عن العهدة بالمرة الواحدة ضرورة،

وهو نفسه مقصد أصحاب المذهب الأول، فلا خلاف إذن.

ويكون الخلاف معنوياً إذا نظرنا إلى دلالة الأمر المطلق على المرة

هل هي بطريق المطابقة أو الالتزام؟

فبناء على المذهب الأول - وهو: أن الأمر المطلق يقتضي المرة

الواحدة ولا يقتضي التكرار، فإن الأمر المطلق يدل على المرة الواحدة

دلالة مطابقة.

وبناء على المذهب الثالث - وهو: أنه لا يقتضي المرة ولا التكرار

وإنما هو طلب الماهية، فإن الأمر المطلق يدل على المرة الواحدة دلالة

التزام: على اعتبار أنها لازمة للامتثال؛ إذ لا يحصل بأقل منها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015