أقول: إن تسمية المناطقة للبرهان المتكون من مقدمتين ونتيجة
بالقياس، جاء عن طريق التجوز، وذلك لأن القياس في أصول
الوضع اللغوي هو: تقدير شيء بشيء آخر، كتقدير الثوب بالذراع.
أما هنا، فإن حاصله راجع إلى إدراج خصوص تحت عموم،
وهذا ليس بقياس، إذ ليس فيه تقدير ولا حمل، بل فيه إدراج،
بيان ذلك:
أن المقدمة الكبرى عموم، والمقدمة الصغرى خصوص، وقلنا
ذلك لأن الحكم في الكبرى على جميع ما صدق عليه الأوسط،
فيتناول الأصغر وغيره، والحكم في الصغرى مخصوص بالأصغر
فقط، وإذا كان الأمر كذلك وجب إدراج الأصغر تحت الأوسط في
الحكم بالأكبر على جميع ما صدق عليه الأوسط؛ لأن الأصغر من
جملتها، فيلتقي بالضرورة موضوع الصغرى - أعني الأصغر -
ومحمول الكبرى - أعني الأكبر - إما إيجابا إن كانت الكبرى
موجبة، أو سلبا إن كانت الكبرى سالبة.
مثال الموجبة قولنا: " الوضوء عبادة، وكل عبادة تصح بنية "،
فإنه ينتج: أن الوضوء يصح بنية.
مثال السالبة قولنا: " النبيذ مسكر، ولا شيء من المسكر ليس
بحلال "، فإنه ينتج منه: أن النبيذ ليس بحلال.