إن الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد:
فإن كتاب "السنن الكبرى" للحافظ أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي -والمشهور بين طلاب العلم في هذا العصر بالسنن الكبرى- من أعظم دواوين الإسلام، وأوسع كتب الحديث التي صنفت على الأحكام، وأحسنها ترتيبًا وجودة وتهذيبًا على مر الأيام.
وكيف لا يكون كذلك وقد جمع فيه مؤلفه أقوال النبي-صلى الله عليه وسلم-وأفعاله وتقريراته، وموقوفات الصحابة، وما أرسله التابعون في الفرائض والنوافل، والحلال والحرام، والحدود والأحكام، وتكلم فيه على تلك الأحاديث والآثار ورواتها جرحًا وتعديلًا وتصحيحًا وتعليلًا، وذَيَّل ذلك بأقوال أئمة المذاهب والأمصار.
فأضحى كتابه موسوعة حديثية وفقهية عظيمة لا يستغني عنها طالب مبتدئ ولا عالم منتهي، وقد شهد له بذلك جمع غفير من العلماء وعَدُّوه من أعظم الدواوين التي صنفت في الإسلام.
فقال الإمام ابن الصلاح: ولا تُخْدعَنَّ عن كتاب السنن الكبير للبيهقي؛ فإنا لانعلم مثله في بابه (?).
وقاله الحافظ الذهبي: فتصانيف البيهقي عظيمة القدر، غزيرة الفوائد، قَلَّ من جَوَّدَ