قال: فأتى عمر. فقال: يا رسول اللَّه، ألسنا على حق وهم على باطل؟ قال: بلى. قال: أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال: بلى. قال: ففيم نعطي الدنية في أنفسنا ونرجع ولما يحكم اللَّه بيننا وبينهم؟ قال: يا ابن الخطاب، إني رسول اللَّه ولن يضيعني اللَّه. فانطلق ولم يصبر متغيظًا فأتى أبو بكر فقال: يا أبا بكر، ألسنا على حق وهم على باطل؟ قال: بلى. قال: أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال: بلى. قال: فعلام نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم اللَّه بيننا وبينهم؟ قال: يا ابن الخطاب إنه رسول اللَّه ولن يضيعه اللَّه أبدًا. فنزل القرآن فأرسل إليه فأقرأه إياه. فقال: يا رسول اللَّه، أوفتح هو؟ قال: نعم. فطابت نفسه ورجع".
قال الشافعي: قال ابن شهاب: فما كان في الإسلام فتح أعظم منه كانت الحرب قد (أحجزت) (?) الناس فلما أمنوا لم يكلم بالإسلام أحد يعقل إلا قبله فلقد أسلم في سنتين من تلك الهدنة أكثر ممن أسلم قبل ذلك.
14619 - ابن إسحاق، حدثني الزهري، عن عروة، عن مروان والمسور "وانصرف رسول اللَّه راجعًا، فلما كان بين مكة والمدينة نزلت عليه سورة الفتح كلها، وكانت القضية في سورة الفتح وما ذكر اللَّه من بيعة رسوله تحت الشجرة، فلما أمن الناس وتفاوضوا لم يكلم أحد بالإسلام إلا دخل فيه فقد دخل في تينك السنتين في الإسلام أكثر مما كان فيه قبل ذلك وكان صاح الحديبية فتحًا عظيمًا".
14620 - إسرائيل (خ) (?) عن أبي إسحاق، عن البراء قال: "تعدون أنتم الفتح فتح مكة وقد كان فتح مكة فينًا فتحًا، ونعد نحن الفتح بيعة الرضوان، نزلنا في يوم الحديبية وهي بئر فوجدنا الناس قد نزحوها فلم يدعوا فيها قطرة، فذكر ذلك للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فجلس فدعا بدلو فنزع منها ثم أخذ منه بفيه فمجه فيها ودعا اللَّه، فكثر ماؤها حتى صدرنا وروينا ونحن أربع عشرة مائة.