ليرسله إلى قريش وهو ببلدح فقال له عمر: يا رسول اللَّه، لا ترسلني إليهم؛ فإني أتخوفهم على نفسي ولكن أرسل عثمان. فأرسله إليهم فلقي أبان بن سعيد بن العاص فأجاره وحمله بين يديه على الفرس حتى جاء قريشًا فكلمهم بالذي أمره به رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فأرسلوا معه سهيل ابن عمرو ليصالحه عليهم وبمكة يومئذ من المسلين ناس كثير من أهلها فدعوا عثمان ليطوف بالبيت فأبى أن يطوف وقال: ما كنت لأطوف به حتى يطوف به رسول اللَّه فرجع إلى رسول اللَّه ومعه سهيل. . .". وذكر الحديث وفيه: "فبعث رسول اللَّه بالكتاب إلى قريش مع عثمان. . ." ثم ذكر قصة فيما كان بين الفريقين من الترامي بالحجارة والنبل وارتهان المشركين عثمان وارتهان المسلمين سهيل بن عمرو ودعا رسول اللَّه المسلمين إلى البيعة "فلما رأت قريش ذلك رعبهم اللَّه فأرسلوا من كانوا ارتهنوه ودعوا إلى الموادعة والصلح، فصالحهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وكاتبهم".
مدة الهدنة
قال الشافعي: كانت الهدنة بينه وبينهم عشر سنين.
ابن إسحاق، حدثني الزهري، عن عروة، عن مروان والمسور بن مخرمة "في قصة الحديبية: فدعت قريش سهيلا فقالوا: اذهب إلى هذا فصالحه، ولا يكونن في صلحه إلا أن يرجع عنا عامه هذا لا تحدث العرب أنه دخلها علينا عنوة. فخرج من عندهم فلما رآه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مقبلا قال: قد أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل فلما انتهى إلى رسول اللَّه جرى بينهما القول حتى وقع الصلح على أن توضع الحرب بينهم عشر سنين وأن يأمن الناس بعضهم من بعض، وأن يرجع عنهم عامهم ذلك حتى إذا كان العام المقبل قدمها خلوا بينه وبين مكة، فأقام بها ثلاثًا وأن لا يدخلها إلا بسلاح الراكب والسيوف في القرب وأنه من أتانا من أصحابك بغير إذن وليه لم نرده عليك، وأنه من أتاك منا بغير إذن وليه رددته علينا وأن بيننا وبينك عيبة مكفوفة وأنه لا أسلال ولا أغلال".
14616 - وروى عاصم بن عمر بن حفص العمري -وهو واه- عن عبد اللَّه بن دينار، عن ابن عمر قال: "كانت الهدنة بين النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأهل مكة عام الحديبية أربع سنين".