بُشِّر ببشارة يبرق وجهه حتى كأنه قطعة قمر يُعرف ذلك منه، فلما جلست ببن يديه قلت: يا رسول اللَّه، إن من توبتي أن أنخلع مالي صدقة إلى اللَّه وإلى الرسول. قال: أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك. فقلت: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر، قلت: يا رسول اللَّه، إنما نجاني اللَّه بالصدق، وإن من توبتي ألا أحدث إلا صدقًا ما بقيت؛ فواللَّه ما أعلم أحدًا من المسلمين ابتلاه اللَّه في صدق الحديث مذ حدثت ذلك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أحسن مما ابتلاني، ما تعمدت مذ ذكرت ذلك لرسول اللَّه إلى يومي هذا كذبًا، وإني لأرجو أن يحفظني اللَّه فيما بقي. فأنزل اللَّه على رسوله: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ. . .} إلى قوله: {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (?) فواللَّه ما أنعم اللَّه عليّ من نعمة بعد أن هداني للإسلام أعظم في نفسي من صدقي رسول اللَّه يومئذ أن لا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوه، فإن اللَّه قال للذين كذبوه حين نزل الوحي شر ما قال لأحد، قال تعالى: {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (95) يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} (?) قال: وكنا تخلفنا أيها الثلاثة عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حين حلفوا له فبايعهم واستغفر لهم وأرجأ أمرنا حتى قضى اللَّه فيه، فبذلك قال اللَّه -تبارك وتعالى-: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} (?) وليس الذي ذكر اللَّه تخلُفنا عن الغزو؛ وإنما هو تخليفه إيانا وإرجاؤه أمرنا، ممن حلف واعتذر وقبل منه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-".
13922 - محمد بن جعفر (خ م) (?) أنا زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد "أن رجالًا من المنافقين في عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا خرج إلى الغزو تخلفوا عنه وفرحوا بمقعدهم خلاف رسول اللَّه، فإذا قدم اعتذروا إليه وحلفوا وأحبوا أن يُحمدوا بما لم يفعلوا فلا