وهو أحد الحفاظ المبرزين والأذكياء المعدودين وآخر النقاد المعتبرين والذي يكفي في ذكر فضله وعلمه ما حكي عن شيخ الإسلام أبي الفضل ابن حجر العسقلاني -رحمه الله- أنه قال: شربت ماء زمزم لأصل إلى مرتبة الذهبي في الحفظ وما قاله الحافظ السيوطي -رحمه الله- في ذيله على طبقات الحفاظ حيث قال: إن المحدثين عيال الآن في الرجال وغيرها من فنون الحديث على أربعة: المزي، والذهبي، والعراقي، وابن حجر.
صدق والله، والحافظ الذهبي -رحمه الله- أشهر من أن يترجم له أو أن يُعرَّف به، وله ترجمة واسعة في مقدمة كتاب "سير أعلام النبلاء" فليرجع إليها من شاء.
وقد خَلَّف الحافظ الذهبي ورائه ثروة طائلة من المصنفات والمختصرات النافعة التي تمس إليها حاجة طلاب العلوم الشرعية بأنواعها؛ لما حوته من براعة في النقد والتحقيق وتعليقات ونفائس تدل على تبحر هذا الإمام في هذه العلوم فزادها فوائد ومحاسن، ولذا فقد أخذنا على عاتقنا في دار المشكاة بعد أن أخرجنا "تلخيص العلل المتناهية" و"تلخيص الموضوعات" و"تنقيح التحقيق" لابن الجوزي أن نكمل هذه السلسلة بإخراج المهذب في إختصار السنن الكبير، وهو من أحسنها وأجودها، نسأل الله عز وجل أن يوفقنا في العثور على غيرها من مصنفات ومختصرات هذا الإمام النحرير.
منهج المصنف:
أفصح الإمام الذهبي -رحمه الله- في أول كتابه عن منهجه في "اختصار السنن الكبير" فقال: لم أختصر من أحاديث الكتاب شيئًا، بل اختصرت الأسانيد فإن بها طال الكتاب وبقيت من السند ما يعرف به مخرج الحديث، وما حذفت من السند إلا ما صح إلى المذكور (?).