فقال عمر رضي الله عنه: يا ابن رواحة، في حرم الله وبين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مه يا عمر " لأنه رأى كلامه عدة وقوة للمؤمنين، ونكاية للعدو.
فإذا تغنى بالقرآن، فهو ترجيع؛ لأن في القرآن بشرى ولطائف، فإذا تغنى به، طرب القلب، فمر بالنفس، فمال بها إلى ناحيته. والنفس تسرع في الإجابة في الطرب والبهجة ما لا تسرع في الوعيد. وإنما بشروا ليطربوا لا ليذلوا وينكسروا، فكفى بالوعيد كاسرا للنفس وقامعا لها. وفي الوعد طعم وذوق، وفي الطرب تورد وزهرة وتنزع. وسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة أبي موسى رضي الله عنه، فقال: (لقد أوتىَ هذا مِزماراً من مزامير آل داود) ، فقال أبو موسى: يا رسول الله، لو علمتُ أنك تسمع لحبرته لك تحبيرا.
وكان داود عليه السلام إذا قرأ الزبور لون في صوته سبعين لونا، فيقرؤه بألحان يطرب بها المحموم، ويقف الطير عن طيرانه، ولم تبق دابة في بر ولا بحر إلا استمعت لقراءته.