وقد وصفنا بدءاً أن الكذب هو زعم أنه لم يكن وقد كونه الله تعالى، فهو قائل على الله تعالى زورا. وإذا حلف على ذلك فهو يريد أن يؤكد ذلك النفى باسمه، فهذه جرأة على الجرأة. والصبر هو أن يثبت على هذه الجرأة، ولا يهاب، ولا ينفر قلبه من أن يؤكد شيئاً لم يكونه الله، وهو يريد أن يثبته باسمه الأعظم، يريد به اقتطاع شيء من حطام الدنيا مما قسم لأخيه وجعل له رزقا. فلذلك عظم الخطب فيه، وحل الغضب به. وروى عن الله تعالى أنه قال: (يا موسى لا تحلف بى كاذباً؛ فمن حلف على كاذباً ألقيت عليه ثقال الفيلوت. قال:) يارب: وما الفيلوت؟ قال: السكر من غير شراب (. فمن سكر عن الله فماذا يبقى معه؟ وكيف يكون حال مقدمه على الله وهو سكران عن الله فقد أسكره غضبه عليه؟
وأما قوله:) ونهى عن السحر (.
فالسحر هو أمر قد خالطه الشرك، وذلك أن إبليس سأل ربه سلطانا فأعطى، فأخذ على ذلك عهدا من ربه ليكون بذلك مسلطا على أشياء، فاتخذ