لعابري سبيل، فإذا كان بغير جنابة فهو أحرى أن يوسع له. ولكن هذا إذا اتخذه طريقا لنفسه فلا يزال فيه كالذي يصير الشيء وطنا يدوم عليه، فهو غير محبوب حتى يصلي ركعتين، فيكون ممزوجا فعلها بفعل المرور إذا صيره طريقا، فقد أخرجه من حد المسجد، فهو عنده مسجد صلاته في مروره مرتفق ورخصة؛ لأنه إنما بنى للصلاة، فمادام له فيه صلاة فهو مقيم لحرمة ما بنى له، فإذا أعده طريقا ورفض الصلاة فيه فقد أخرجه مما بنى له، فهو منهى عنه.
ندب الميت وأما قوله: (ونهى أن يندب الميت) .
فالندبة داعية إلى الفتنة والجزع، لأن المرائي والكلام يعمل في النفوس، فيهيج الرفأة حتى يرق الفؤاد فيجزع.
وربما كان في الندبة افتخار ومديح لا يستحقه الميت وهو لا يدري مقدمه على الله، فهو على غرور يتكلم.. ألا ترى إلى حديث أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف على قبر شاب قتل شهيدا، فقال قائل: هنيئا لك.