وقال السراج أبو حفص ابن الملقن في " العمدة في شرح المنهاج ": هو الشيخ الأمام، العالم المحقق، المدقق المتقن، ذو الفنون من العلوم المتكاثرات، والتصانيف النافعة المستجادات، الزاهد العابد، الورع المعرض عن الدنيا، المقبل بقلبه على الآخرة، الباذل نفسه في نصرة دين الله، المجانب للهوى، أحد العلماء الصالحين، وعباد الله العارفين، الجامعين بين العبادة والورع والزهادة، المواظبين على وظائف الدين، واتّباع هدي سيد المرسلين، محيي السنّة والدين.
ووصفه في أول " شرح الأربعين " بالعلاّمة الحافظ أبي زكريا، قدّس الله روحه، ونوّر ضريحه.
وأما في " الطبقات " فلم يذكر شيئاً، بل قال: ذكرت أحواله موضحة في " شرح المنهاج ".
وقال الكمال الدَّميري في " شرحه للمنهاج ": الحبر الإمام، العلامة شيخ الإسلام، قطب دائرة العلماء الأعلام، محرر المذهب المتفق على إمامته وديانته، وسؤدده وسيادته، وورعه وزهادته، كان ذا كرامات ظاهرة، وآيات باهرة، وسطوات قاهرة، فلذلك أحيى الله ذكره بعد مماته، واعترف أهل العلم بتعظيم بركاته، ونفع الله بتصانيفه في حياته وبعد وفاته، فلا يكاد يستغني عنها أحد من أصحاب المذاهب المختلفة، ولا تزال القلوب على محبة ما ألفه مؤتلفة.
إلى أن قال: حتى فاق على أهل زمانه، ودعا إلى الله في سره وإعلانه، وكان يديم الصيام، ولا تزال مقلته ساهرة، ولا يأكل من فواكه دمشق، لما في ضمانها من الشبهة الظاهرة، ولا يدخل الحمّام تنعّماً، وانخرط في سلك: (إنما يخشى الله من عباده العلماء) ، وكان يقتات مما يأتيه من قِبَل أبويه كفافاً، ويؤثر على نفسه الذين لا يسألون الناس إلحافاً، ولذلك لم يتزوج إلى أن خرج من الدنيا معافى، وحج حجتين مبرورتين لا رياء فيهما ولا سمعة، وطهر الله من الفواحش قلبه ولسانه وسمعته.
وقال المؤرخ صارم الدين إبراهيم بن دقماق الحنفي في تاريخه " نزهة الأنام ": الشيخ الإمام القدوة، العلامة الزاهد العابد، الناسك الخاشع، شيخ الوقت، فريد العصر، بركة الزمان، لم يكن في زمانه مثله في دينه وعلمه وعمله، وزهده وورعه، وكانت مقاصده جميلة، وأفعاله لله تعالى.
وقال الشهاب أبو العباس ابن الهائم في " البحر العجاج شرح المنهاج ": الشيخ الإمام، العلامة الحافظ، الفقيه النبيل، محرر المذهب ومهذّبه، وضابطه ومرتّبه. أستاذ المتأخرين، الجامع بين العلم والدين، والسالك سبيل الأقدمين في العبادة، والورع والزهادة، والاقتداء بسيد المرسلين. ذو التصانيف الجامعة، المباركة النافعة.
وقال التقي أبو بكر الحصني في " شرحه للمنهاج ": الإمام العلاّمة، محرر المذهب وضابطه، أستاذ المتأخرين، الجامع بين العلم والدين، سلك سبيل الأولين في الزهد والعبادة، تصانيفه تذهب دنس القلب وعناده، إلى أن قال: وعليه سكينة ووقار، وهيبة من العليم الجبار، الذي اصطفاه وجعله من الخيار. إلى أن قال: وناهيك به أنه قطب الوقت.
وقال الحافظ الشمس ابن ناصر الدين الدمشقي، في " التبيان لبديعة الزمان " له: الحافظ القدوة الإمام، شيخ الإسلام، صاحب التصانيف السديدة، والمؤلفات النافعة المفيدة. كان فقه الأمة، وعلم الأمة، وأوحد زمانه تبحُّرا في علوم جمة، مع شدة الورع والزهادة، وكثرة الصلاح والعبادة، والقناعة بالعيش الأشخن، واللباس الأدثر، والقيام بالأمر المعروف والنهي عن المنكر. وكانت عليه هيبة ووقار باهر، حتى كان يخاف منه الملك بيبرس الظاهر.
وقال التقي ابن قاضي شهبة في " طبقات الشافعية " له: الفقيه الحافظ الزاهد، أحد الأعلام شيخ الإسلام، محيي الدين أبو زكريا، ولخص ترجمته من ابن العطار، وزاد يسيراً.
وقال في الألقاب: منها عمدة المتأخرين.
واستيفاء الكلام في هذا يعسر، وما تقدم فيه كفاية.
فلنذكر سلسلة الفقه التي أوردها العلاء ابن العطار في ترجمته تبعاً للشيخ، فإنه ذكرها في " تهذيب الأسماء واللغات "، وقال: إنها من المطلوبات المهمات، والنفائس الجليلات، التي ينبغي للمتفقه والفقيه معرفتها، ويقبح به جهالتها، فإن شيوخه في العلم آباء له في الدين، ووصلة بينه وبين رب العالمين، وكيف لا يقبح جهله الأنساب، والوصلة بين العبد وربه الكريم الوهاب، مع أنه مأمور بالدعاء لهم وبرّهم، وذكر مآثرهم، والثناء عليهم وشكرهم.