وجاءه في الرسلية القاضي الأشرف بن الفاضل، وسار الناصر هذا إلى عمه الملك الكامل في تعظيمه.
ثم اتفق موت الكامل والأشرف والناصر المذكور بدمشق في دار أسامة، فتشوق إلى السلطنة؛ ولم يكن يومئذٍ أميز منه، ولو بذل المال؛ لحلفوا له. فتسلطن الملك الجواد، فخرج الناصر عن دمشق إلى القابون، ثم حشد كل واحد منهما، ووقع المصاف بين نابلس وجينين، فكسر الناصر، وأخذ الجواد خزائنه، وكانت على سبعمائة جمل، فافتقر الناصر، وأخذ أمره في انحطاط إلى أن ملك الملك الصالح نجم الدين أيوب دمشق، وسار لقصد مصر، جاء عمه الصالح إسماعيل وملك دمشق، فسحب جيش نجم الدين عنه، فجهز الناصر عسكراً من الكرك، فأمسكوه وأحضروه إلى الكرك، فاعتقله مكرماً عنده، وأخذ الناصر هذا بعد موت الكامل القلعة التي عمرها الفرنج بالقدس وطرد من بها من الفرنج.
وفي ذلك يقول الصاحب جمال الدين بن مطروح:
المسجد الأقصى له عادة ... سارت فصارت مثلاً سائرا
إذا غدا للكفر مستوطناً ... أن يبعث الله له ناصرا
فناصر طهَّره أولاً ... وناصر طهَّره آخرا