يوماً إلى الأمير أزبك الدوادار في الدولة الأشرفية فوجدته قد ألقى التاج هذا على الأرض وضربه ضرباً مبرحاً لأمر أوجب ذلك.
ولما طالت دولة الملك الأشرف أخذ التاج هذا يتقرب إليه بأنواع التحف والمسخر، ولا زال يفعل ذلك إلى أن نادمه الملك الأشرف، وعاد إلى بعض رتبته أولا، وولى ولاية القاهرة، وصار يتمسخر بالحضرة الشريفة، ويضرب بحضرة السلطان حتى ينحرف عامداً ليضحك السلطان من ذلك، ويقع منه في هزله ما يوجب ضرب عنقه من الألفاظ الكفرية دواماً، ويمعن في ذلك.
واستمر على طغيانه واستخفافه بالدين وفسقه إلى أن مرض ولزم الفراش، طال مرضه، وصار يعتريه الأرق إلى أن كان قبل موته بمدة يسيرة جداً أتاني من عنده بعض حفدته يطلب مني فرشا محشيا ريش نعام لينام عليه لعله يغمض، فقلت لقاصده: ما حاله اليوم؟ فقال: بشر، فإنه في الليلة الماضية حصل له سهر عظيم وقلق، فقالت له زوجته القديمة أم محمد: استغفر ربك واسأله العافية، فسبها ثم سب أهل السموات والأرضين بلفظ يوجب ضرب عنقه على فراشه، ثم مات بعد ذلك بقليل، في ليلة الجمعة حادي عشرين شهر ربيع الأول سنة تسع وثلاثين وثمانمائة.