الفاتحة ووضع اليدين على الركبتين وسائر السنن القولية غير الأبعاض فلا يسجد لها، سواء تركها عمدا أم سهوا، لأنه لم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم السجود لشيء منها، والسجود زيادة في الصلاة، فلا يجوز إلا بتوقيف، والسنن تخالف الأبعاض، فإنه ورد التوقيف في التشهد الأول وجلوسه، وقسنا عليه باقيها، أما إذا فعل منهيا عنه مما لا تبطل الصلاة بعمده كالالتفات والخطوة وكف الثوب، ومسح الحصى، وأشباه ذلك، فلا يسجد للسهو لعمده ولا لسهوه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم حمل أمامة، ووضعها، وخلع نعليه في الصلاة ولم يسجد لشيء من ذلك. فإن فعل ساهيا منهيا عنه تبطل الصلاة بعمده كالكلام والركوع الزائدين، فهذا يسجد لسهوه، إذا لم تبطل به الصلاة. وقال أبو حنيفة: يسجد للجهر والإسرار، وقال مالك: يسجد لترك جميع الهيئات. وأما موضعه. قبل السلام أو بعده؟ فقد اختلف فيه الفقهاء.
فداود الظاهري: ذهب إلى أنه لا يسجد للسهو إلا في المواضع التي سجد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم للسهو، وبالأوضاع الواردة نفسها، فيقتصر على ما ورد، وغير ذلك إن كان فرضا أتى به، وإن كان ندبا فليس عليه شيء.
وذهب الإمام أحمد والحنابلة: إلى أنه يسجد قبل السلام في المواضع التي سجد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل السلام، وبعد السلام في المواضع التي سجد فيها بعد السلام. قال ابن قدامة في المغني: السجود كله عند أحمد قبل السلام إلا في الوضعين اللذين ورد النص بسجودهما بعد السلام وما عداهما يسجد له قبل السلام اهـ. ويقصد بالموضعين ما ورد في الصحيح من حديث ذي اليدين حين سلم صلى الله عليه وسلم من ثنتين في رباعية، من أنه أتم ما بقي من الصلاة ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد التسليم، وما جاء في الصحيح من حديث عمران بن حصين في إحدى روايتيه، حين سلم صلى الله عليه وسلم من ثلاث في رباعية، من أنه صلى الركعة التي كان ترك، ثم سلم، ثم سجد سجدتي السهو، ثم سلم.