وهل نعجب إذا قام لخامسة في صلاة رباعية؟ لقد نبهوه وسبحوا فلم يلتفت إلى تسبيحهم، فقاموا معه وتابعوه، حتى قضى صلاته وسلم فسلموا وتحول عن القبلة بعد السلام واستقبلهم، وكانت الأحكام الشرعية تنزل تباعا من الله وظنوا أن أمر الصلاة قد تغير، فسأل سائلهم: أحدث في الصلاة شيء؟ أم نسيت يا رسول الله؟ قال: لم يحدث هذا ولا ذاك، فماذا رأيتم؟ قالوا: صليت خمسا بدل أربع، فنظر في وجوه القوم، فإذا هي تصدق السائل وتذكر صلى الله عليه وسلم ما نسي، فاستقبل القبلة، وثنى رجليه وجلس جلسة السجود وسجد سجدتين، ثم سلم، ثم أقبل عليهم بوجهه يعلمهم يقول: لو حدث في الصلاة زيادة أو نقص لأخبرتكم به، وإنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، أصبتم إذ نبهتموني وأحسنتم، فإذا نسيت فذكروني، وإذا شك أحدكم في صلاته، أصلى ثلاثا أم أربعا؟ فليجتهد في الصواب وليكمل، ثم يسلم، ثم يسجد سجدتي السهو.
-[المباحث العربية]-
(لا أدري زاد أو نقص) هذا الشك من إبراهيم النخعي، فرواية ابن مسعود لا شك فيها، ولفظها "صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا" ثم رواية علقمة عن ابن مسعود لا شك فيها، ويعترف إبراهيم بأن الشك من جهته هو، مصرحا بذلك في بعض الروايات، إذ يقول: والوهم مني، وفي بعض الراويات يقول: وايم الله ما جاء ذلك [الشك] إلا من قبلي. ولو أنه تدبر في الرواية لطرح الشك، لأنه لو كان نقصا لأكمل في الصلاة.
(أحدث في الصلاة شيء) أي زيادة؟
(وما ذاك؟ ) أي ذلك الشيء الذي تقصدونه بأنه حدث؟ .
(قالوا: صليت كذا وكذا) "كذا وكذا" كناية عن عدد قيل فعلا، وفي رواية الصحيح "قالوا: صليت خمسا" والذي كنى ابن مسعود.
(ولكن إنما أنا بشر) قصر نفسه صلى الله عليه وسلم على البشرية من قبيل قصر الموصوف على الصفة قصرا إضافيا، أي إنما أنا بشر لا ملك.