(فاستوصوا بالنساء خيرا) الفاء فصيحة وقعت في جواب شرط مقدر أي إذا كان هذا شأنهن فاستوصوا

-[فقه الحديث]-

يفهم من قوله صلى الله عليه وسلم "من كان يؤمن بالله" أن من آذى جاره لا يكون مؤمنا لكن هذا المفهوم غير مراد إذ المعنى من كان يؤمن بالله إيمانا كاملا فلا يؤذ وذكر هذه العبارة للحض على الطاعة لأن من آمن بالمبدأ والمعاد كف عن المعصية وسارع إلى الطاعة وإنما خص الجار بالذكر والواجب على المؤمن ألا يؤذي أحد مطلقا لشدة العقاب على إيذاء الجار إذ لهذه الملاصقة حرمة وحقوق كحقوق الأخوة فإيذاؤه أفحش الإيذاء وفيه بعث على دوام الشقاق وفي ذلك تعرض أكثر لارتكاب الجرائم أو خص الجار بالذكر لكونه مظنة الأذى غالبا لكثرة التعامل بين المتجاورين وقيل إن المراد بالجار ما يشمل الملكين الكاتبين وإيذاؤهما يحصل بأذى كل مخلوق وقد فهم بعضهم من ذكر البخاري لهذا الحديث على جزأين فهم أن قوله صلى الله عليه وسلم "واستوصوا بالنساء خيرا إلخ" حديث مستقل جمعه الراوي مع ما قبله في سند واحد ولكن اتصال الكلام يدل على أن الجزأين حديث واحد إذ المرأة أعلى مراتب المجاورة فهي الجار الملاصق بدون حجاب وهي التي عبر عنها القرآن بالصاحب بالجنب وإنما أكد الحديث الوصية بالنساء فكررها لضعفهن واحتياجهن إلى من يقوم بأمرهن ولذا علل الأمر بأن طبيعتهن الاعوجاج فهن شبه معذورات فيما يرى منهن مما لا يرضي إذ من العسير عليهن الانفكاك عما جبلن عليه فليكن التحمل والملاينة من الرجال ولهذا أيضا عدل عن النهي عن الإيذاء إلى الاستيصاء للإشارة إلى أن حسن الخلق مع النساء ليس كف الأذى عنهن بل احتمال الأذى منهن والحلم عن طيشهن والإحسان إليهن اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان أزواجه يراجعنه الكلام وتهجره إحداهن إلى الليل وأعلى من ذلك أن يمزح معهن وينزل إلى درجات عقولهن في الأعمال والأخبار حتى روي أنه كان يسابق عائشة في العدو فسبقته يوما فقال هذه بتلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015