ويتفقا ويتراضيا ولم يبق إلا العقد فيجيء آخر وهو يعلم بكل هذا فيخطب على خطبة الأول وهي حرام بالإجماع وإن نقل عن أكثر العلماء أن عقد الخاطب الثاني لا يبطل والمعتبر في التحريم إجابتها إن كانت غير مجبرة أو إجابة الولي إن كانت مجبرة أو إجابتهما معا إن كان الخاطب غير كفء أما إذا لم تركن إليه وإن كانت مجبرة أو لم يركن وليها إن كانت مجبرة أو قبل أن يتفقا كوقت المشورة أو لم يكن الثاني يعلم بخطبة الأول فهو على حكم الأصل من الإباحة على الأصح وقال بعض المالكية لا تحرم حتى يرضوا بالزواج ويسمى المهر ويشترط كذلك ألا تكون خطبة الأول محرمة كأن تكون في العدة مثلا لأنه لا يثبت للخاطب بخطبته حينئذ حق وكما يأثم الخاطب الثاني يأثم ولي المخطوبة إذا قبل منه ودل الحديث كذلك على تحريم أن تخطب المرأة على خطبة امرأة أخرى إلحاقا لحكم النساء بحكم الرجال كأن ترغب امرأة في رجل وتدعوه إلى تزويجها فيجيبها فتأتي أخرى فترغبه في نفسها وتزهده في التي قبلها وإنما عبر بالرجل لأن الخطبة عادة من شأن الرجال والحكمة في ذلك ما فيه من الإيذاء والتقاطع ولهذا قيد الحديث إباحة الخطبة على الخطبة بترك الخاطب الأول أو إذنه للخاطب الثاني وفي معنى الترك والإذن ما لو طال الزمان بعد إجابته حتى عد معرضا أو غاب زمنا يحصل به الضرر أو رجعوا عن إجابته وفيما لو أذن الخاطب الأول للخاطب الثاني هل يختص ذلك بالمأذون له أو يتعدى لغيره لأن مجرد الإذن الصادر من الخاطب الأول دال على إعراضه عن تزوج تلك المرأة وبإعراضه يجوز لغيره أن يخطبها الظاهر الثاني فيكون الجواز للمأذون له بالتنصيص ولغير المأذون له بالإلحاق وقيل يختص بالمأذون له الجواز كون ذلك عن طريق الإيثار لا عن طريق الإعراض والأحسن أن يقال بتحكيم العرف والقرائن في ذلك وليس في هذا الحديث منافاة لما ثبت أن النبي خطب فاطمة بنت
قيس لأسامة بن زيد على خطبة معاوية وأبي الجهم لأن ذلك حصل قبل النهي عن الخطبة على الخطبة وقال النووي أن النبي أشار بأسامة ولم يخطب وعلى تقدير أن يكون خطب فكأنه لما ذكر لها ما في معاوية وأبي الجهم ظهر منها الرغبة عنهما فخطبها لأسامة