قرأ عمر قوله تعالى في حق إبراهيم {إني جاعلك للناس إماما} وقوله تعالى مخاطبا نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم {أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا} فاستقر في نفسه أن شريعة الإسلام مقتدية بشريعة إبراهيم، ورأى وهو يطوف بالكعبة مقام إبراهيم أعني الحجر الذي وقف عليه وهو يبني الكعبة فأثر قدمه بدا ظاهرا للعيان مع مرور السنين الطوال وكان هذا الحجر المقدس ملصقا بالكعبة فخطر له لماذا لا نصلي عند هذا الحجر المقدس فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى كان خيرا وبركة فنزل قوله تعالى {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}
وكان النساء لا يحتجبن من الرجال وكان أمهات المؤمنين يقمن بتقديم الطعام والشراب للرسول صلى الله عليه وسلم وضيفه بل كن يأكلن أحيانا في إناء واحد مع الرسول وضيفه فدخل عمر مرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يأكل مع عائشة فدعاه صلى الله عليه وسلم أن يأكل معها فجلس يأكل فأصاب إصبعه إصبع عائشة قال أوه لو أطاع فيكن ما رأتكن عين وحملته الغيرة وهو مشهور بغيرته أن يقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله يدخل عليك في بيتك البر والفاجر من الرجال فاحجب نساءك وبعد زمن يسير نزلت آية الحجاب
ودخل مرة بيت النبي صلى الله عليه وسلم فرأى نساءه حوله متحزبات مجمعات على مطالبته بالتوسعة في النفقة ويقلن له بنات كسرى وقيصر يرفلن في الحرير والديباج والذهب ونحن كما ترى وكانت الغنائم التي تأتيه يوزعها في مصارفها ويضرب المثل للقادة والحكام من بعده أن لا يشبعوا وجيرانهم يموتون جوعا فلما رأى النساء عمر اتحنسن رهبة وخوفا منه فقال لهن يا عدوات أنفسهن تهبنني ولا تهبن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت إحداهن إنك فظ غليظ ورسول الله صلى الله عليه وسلم أكرم وأحلم فإن يأمر بشيء كنا أطوع إليه منك وقالت الأخرى عجبا لك يا عمر دخلت في كل شيء وتريد أن تدخل بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه
قفال عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خير منكن وبعد قليل من الزمن نزلت الآية الكريمة مع صدر سورة التحريم وهكذا كان رضي الله عنه ذا رأي مصيب يصادف الوحي ويصادفه الوحي