أشرف الناس يليه مشروف في الجاهلية أسلم وتفقه ويليه شريف في الجاهلية أسلم ولم يتفقه ويليه مشروف في الجاهلية أسلم ولم يتفقه

ولا عبرة في الشريعة بشرف الجاهلية إذا لم يصاحبه إسلام ولا عبرة بشرف التفقه ما لم يصاحبه الإسلام

فأقل الناس من جمع نقيض أوجه الشرف الثلاثة فكان مشروفا في الجاهلية ولم يسلم ولم يتفقه

ولا يتعارض هذا مع قوله تعالى {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} فإنه فيما إذا تعارض الشرف مع التقوى فلا شك حينئذ بأن الأكرم هو الأتقى لكن إذا تساوى شريف في الجاهلية ومشروف في التقوى كان الأكرم هو الشريف الأتقى

ولا يخفى أن المراد من شرف الجاهلية الشرف المبني على الخلال الحميدة ومكارم الأخلاق من عفة وكرم وإعانة ونجدة وصدق ووفاء ونحوها وليس المبني على الغلبة أو القوة أو السلطة أو الكثرة العددية أو نحو ذلك

ولما كان شريف الجاهلية قد يطمع بعد الإسلام ويتطلع إلى الرئاسة باعتبار أنه كان رأسا قبل الإسلام ناسب أن يفطم الحديث هذا التطلع وأن يحد منه لجعل الأمر للأمة لا له فحذر من الحرص على الولاية والسعي إليها بل دعا إلى عدم إعطائها لمن يطلبها

وقد استدل بعض العلماء بقوله صلى الله عليه وسلم وتجدون خير الناس في هذا الشأن أي شأن الولاية أشدهم له كراهية على أن الحرص على الإمارة والعمل والسعي للحصول عليها مكروه

بل ويؤخذ من الحديث أنه كلما اشتدت كراهة المسلم الدخول في هذا الأمر كلما عظم اتصافه بالعقل والدين لما في ذلك من تقدير للعبء والمسئولية ولما يترتب عليه من مطالبة الله تعالى للقائم به من حقوق ومن خوف الزلل والظلم ولقد أثر عن عمر رضي الله عنه في نهاية خلافته قوله وددت لو خرجت من هذا الأمر كفافا لا لي ولا علي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015