وكان حق السياق أن يقول ليس من يصلح بين الناس كذابا لكنه ورد على سبيل القلب وهو جائز
(فينمي) بفتح الياء من نمى الحديث إذا رفعه وبلغه على وجه الإصلاح فإذا بلغه على وجه الإفساد والنميمة قيل نمى بالتشديد
(أو يقول خيرا) شك من الراوي
-[فقه الحديث]-
قال الطبري اختلف العلماء في هذا الباب فقالت طائفة الكذب المرخص فيه هو جميع معاني الكذب وأجازوا قول ما لم يكن لما فيه من المصلحة فإن الكذب المذموم إنما هو ما فيه مضرة للمسلمين ويحتج لذلك بما روى الترمذي لا يحل الكذب إلا في ثلاث: يحدث الرجل امرأته ليرضيها والكذب في الحرب والكذب ليصلح بين الناس فيحدث الرجل امرأته عن جمالها وعن حبه لها وعن اغتباطه بصنعها وتحدثه بمثل ذلك ويتحدث الرجل عن قوته وصبره ويخدع عدوه في خططه ويكيد له ويقاس على هذه الثلاثة أمثالها من كل ما فيه مصلحة وإن كان فيه إخبار بخلاف الواقع كما لو قصد رجل ظالم قتل رجل هو مختف عنده فله أن ينفي كونه عنده ويحلف على ذلك ولا يأثم ومنع بعضهم الكذب مطلقا فلا يجوز الإخبار عن شيء بخلاف ما هو عليه واختلف هؤلاء في تأويل ما ورد مما يبيح ظاهره الكذب فحمله بعضهم على التورية وطريق المعاريض كأن يقول للظالم دعوت لك أمس ويقصد أنه قال: اللهم اغفر للمسلمين ويعد زوجته بعطية ويريد إن قدر الله أو إلى مدة ويظهر من نفسه قوة في الحرب وإن كان ضعيفا ويؤيد هذا الحمل حديث إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب وحمله بعضهم على قول ما علم من الخير والسكوت عما علم من الشر فيسهل المصلح ما صعب ويقرب ما بعد بإبراز وجوه الخير والسكوت عما يحمله النزاع من شر ويحدث الرجل امرأته بأوجه حسنها ويصمت عما يؤذيها ويتكلم عن مناحي قوته